Constantine Plevris كوستانتينوس بليفرس
( 1 )
كونستانتينوس بليفـرس كونستانتين بليفرس شخصية غامضة … أستطاعت التسلل للقاء بالقذافى ….من كان وراءه وما هى الأدوار التى لعبها ..وكيف تحول من صديـق لليبيا إلى عـدو شرس لها … ؟
هو من مواليـد العاصمة اليونانية أثينا عـام 1939 ، محامى يوناني بارع وضليع في القانون لـدى المحكمة العليـا اليونانيـة ، حصل على مؤهلـه العلمى في القانـون من جامعـة أرسطـو في مدينة سالونيك ، وتحصل علي بكالوريوس العلوم السياسية من جامعة بانتيون بأثينا كما تحصل علي مؤهله في علم الإجتماع من فرنسا ، وعمل فى اليونان كأستاذ محاضر في علم الاجتماع السياسي والحـرب النفسية في كليـة ضباط الشرطة ، وأيضا محاضر في كلية التربية العامة بهيئة الأركان العامة للجيش اليوناني
كـان قـد أسس فى السبعينات حـزب ” الرابـع من أغسطـس ” The 4th of August “ وأسـس كذلـك حـزب الخـط الأمامي “ The Front Line ” ولكنها أحـزاب لـم تستطيع مقارعـة الأحـزاب الكبيرة التى تداولـت على السلطـة فى اليونـان فيما بينهـا ، رغما عـن أنـه كاـن لهـا حضـور وتأثيـر في تشكيـل الإتجـاه المستقبلي لليمين المتطـرف فى اليونـان ، كما أنهـا حضيت بإهتمام ونـوع من القبـول والدعـم مـن قبـل العسكرتاريا الذيـن أستولـوا على السلطـة فى اليونـان فى الفتـرة مابيـن عامى 1967- 1974 خاصة وأن أحـد الضباط الكبار المتطرفين وهو العقيـد ” إيوانيس لاداس ” Ioannis Ladas ” الذى كان مسؤلا عـن الشرطة العسكرية فى العاصمة اليونانية كان على صلـة وثيقـة بالمحامي ” بليفـرس ” ويعتبـر من الأعضاء المهمين فى حـزبه ( حـزب 4 أغسطس ) وساهـم أيضا بنشر العـديـد من المقـالات المتطرفـة في مجلة الحـزب التي وصفها المؤرخ البريطاني ” ريتشارد أوك “… بأنها مجلة عنصرية معادية للسامية
والمحامي ” بليفـرس ” كاتـب ومؤلـف نشـط غـزيـر الإنتاج ، قـام علـى مـدى عـقـود بتأليـف العـديـد مـن الكتب والنصوص فى المجالات السياسية المختلفة وفي علـوم الإجتماع والتاريـخ والثقافـة اليونانية ، ومن بيـن كتبـه التى أثـارت الكثيـر من الجـدل والإنتقـادات كتـاب لـه تحـت عنـان ” كـل الحقيقـة عـن اليهـود ” “Jews The Whole truth “ الـذى تعـرض بسببه الى هجـوم من قبـل اللـوبى اليهـودى فى اليوناـن وفى الصحافة الغربية بصفة عامة ، ووصف بأنـه كاتب عنصري معاد للسامية ، والسيد بليفـرس نفسه فى كتابه المذكور يعترف بأنـه ” فاشي ، نـازي ، عنصري ، مناهض للديموقراطية ومعادي للسامية “
كما تضمن الكتاب الإشـادة والتعظيـم للزعيـم الألمانى ” أدولـف هتلـر ” والإشادة بمواقفـه المعادية لليهـود ، كما أنه في نفس الكتاب وجه سيل من الإهانات إلى السكرتير العام السبق للامم المتحـدة ” كوفي عنان ” وذلك عندما وصفه بأنـه من آكـلى لحـوم البشر وينحـدر من سلالتهـم ”
وبسبب هذا الكتاب دخـل السيد بليفرس في مواجهات حامية الوطيس ضد خصومه أعضاء اللوبى اليهودي فى اليونان وأنتهت هذه المواجهات بتوجيه تهمة التحريض على العنف العنصري ضد المحامى بليفرس من قبـل النائب العـام اليوناني وصـدرت ضـده أحكام بالإدانة والحبس 14 شهـر مع وقـف التنفيـذ ، إلا أنه بحكم خبرتـه الطويلة وعمق ثقافتـه ودهائه القانـوني والسياسى أستطاـع أن يفلـت من تنفيـذ الأحكام التى صدرت ضده بعـد الإستئنـاف
ويقـوم السيد بليفرس بالإضافـة إلى نشاطـه فى مجال تأليـف الكتـب بنشـاط إعلامى موجـه عبـر عــدد مـن القنوات التلفزيونية اليونانية لتى تعـقـد معه لقاءات وذلك لدعـم أفكاره ونظرياتـه خاصة على قنـاة إكسترا 3 ، ويدعمه إبنـه ” ثانـوس بليفـرس ” عضو البرلمان اليونانى عـن حـزب التجمع الشعبي الأرثذوكسى فى نشاطـه الحـزبى والإعلامـي
بعـدهـذه النبـذة المختصرة عـن المحامى اليوناني ” بليفـرس ” والتى رأيـت أهمية التطـرق إليها لأعطاء خلفية سياسية عنه أنتقـل بكم إلى الحـديث عـن المعطيات والظـروف التى هيئت أو سهلت له علاقته بليبيا ، وقـد أبتـدأت هذه العلاقـة بينه وبين نظـام الحكـم العسكرى فى ليبيا كما أوضح هو شخصيا فى أحد مؤلفاته مباشرة منذ الأيام الأولي التى أستولي فيها صغار الضباط الليبيين على السلطة فى ليبيـا فى الأول من سبتمبر عـام 1969 ، وذكر فى كتابه أن هذا الإنقلاب العسكرى فى ليبيا جـاء بعـد عامين تقريبا مـن إستيلاء العسكريين فى اليونان بقيادة الجنرال ” بابادوبولوس “على الحكم عـام 1967 ، وقـد حـدث هـذا التغيير فى ليبيا عندما كـان ملك ليبيـا إدريس السنوسى متواجـدا منـذ منتصف شهر أغسطس 1969 للعلاج الطبيعى باليونـان بمدينة ( كامينا فورلا ) التى تبعـد حوالى 200 كـم عـن العاصمة ( أثينـا ) وبرفقته زوجته وإبنته بالتبنى
واخترع الإعلام اليونانى المتأثر بحكم العسكر فى اليونـان حينها قصة غريبة عجيبة لا واقـع لها ….!!! …. حيث سرب هـذا الإعلام أن معمر القذافى كان طالبا عام 1965 فى إحـدى الكليات العسكرية فى اليونـان ، وهي (كلية إيفبليـدون ) وتلقى تدريبـه العسكرى على يــد الضباط اليونانيين في هذه الكلية الذين ساعدوه عند قيامه بانقلابه على النظام الملكى عام 1969 ، وذلك بأن قطعوا الإتصالات السلكية والاسلكية بين الملك إدريس ومرافقيه وبين ليبيا ، إسهاما منهم فى إنجاح الإنقلاب
ولا أعرف على أى اساس أخترعت هذه الأكذوبة …؟؟ التى لازالت – للأسف – تجـد أذانا صاغية لها حتى يومنا هـذا فى الأوساط اليونانية…وربما كان الهدف من إختراع هذه الأكذوبة والترويج لها خلال تلك الفترة هو خلق فرصة أو تبريـر لمـد خيوط وأطـر التعاون بين الحكم العسكرى فى اليونان وقـادة الإنقلاب فى ليبيا ، وربما فى نفس الوقت خلق أو إجاد مبـرر أيضا لسفـر المحامى بليفرس الذي كانت تربطه علاقـات وثيقـة بحكـم العسكر فى اليونـان كمبعوث شخصى لهـم للقـاء بقائـد الثورة الليبية معمر القـذافى ومعرفة نواياه
( 2 )
فى الوقـت الذي فتحت فيه الكثير من الملفـات المطمورة عن عـلاقـات العـديد من الأنظمة الأوربية بالنظـام الليبى منذ عـام 1969 ، تظـل هناك فيما يتعلق باليونان بالـذات ملفات مطمورة ومنسية عن هذه العلاقـات بين النظام العسكرى الليبى وبين مختلف الأحزاب والتنظبيمات اليونانية ، ملفات ومستندات طمرت مبعثرة داخـل ضباب الستينات تحت غبارالنسيان والتقادم مبعثرة علي رقعة شطرنج العلاقات الدبلوماسية الليبية اليونانية داخل دواميس الدولتين لـم يتم الإفـراج عنها
وملف علاقات المحامى اليونانى النشط ” قسطنطين بليفـرس “وتنظيماته المتطرفة مع النظام الليبى تمثـل إحدي الملفات الشائكة والغامضة التى سبقت بزمن علاقات النظام الليبي مع عـدد من الأحزاب والتنظيمات اليونانية الأخـرى مثل العلاقـات مع حزب الديموقراطية الجديدة أوحزب الحركة الاشتراكية ” الباسوك ”
هناك مثل ليبي متداول يقـول أضرب الحديد وهو ساخن ومعناه إذا واتتـك الفرصة فأنتهـزها ولا تضيعها ، والمحامى اليونانى قسطنطين بليفرس أنتهز فرصة سخونة حديـد إنقلاب الأول من سبتمير فى ليبيا عـام 1969فاستبق الجميع وأنتهز الفرصة وضرب الحديـد وهوساخن وذلك بأن أقترح على المجلس المجلس العسكرى اليوناني عن طريق صديقه الوفي ” إيـوانيس لادا ” سرعة دعـم الإنقلاب فى ليبيا ، وذلك بقطع الإتصالات الهاتفية بين الملك إدريس الذي كان موجودا لحظة وقوع الإنقلاب فى اليونان بمدينة ” كامينا فورلا ” وبين أتباعه فى ليبيا ، ولاقي هـذا المقترح موافقة من قبل المجلس العسكرى اليونانى وتم تنفيذه على الفـور ، وقرر المجلس العسكرى قبول مقترح آخر تقدم به أيضا المحامى بليفرس بإرساله كمبعوث خاص للقـاء بقائد الإنقلاب الليبى لتحقيق عدة أهداف منها ….
أولا : – نقـل إعتراف النظام العسكرى فى اليونان بالإنفلاب العسكرى الليبي والإستعـداد لدعمه
ثانيا : – إحاطة قادة قادة إنقلاب سبتمبر فى ليبيا علما بالخطوة الإيجابية التى قام بها المجلس العسكرى باليونان لصالح الإنقلاب الليبي عندما بادر بقطع الإتصالات الهاتفية الرابطة بين الملك ادريس السنوسى وبين أفراد حكومته فى ليبيـا
ثالثا : – الإطلاع عـن قـرب على أفكـار وتطلعات قـادة الإنقـلاب الليبى معمر القذافى وربط العلاقات بينهم وبين الحكم العسكرى اليونانى بقيادة الجنرال بابادوبولوس
غير أن المحامى ” بليفرس” فى أحد كتبه أدعى بأنه لـم يذهب كمبعوث خاص للمجلس العسكرى اليوناني للقاء بالقـذافى وإنما هذا الأخيرهو من وجه له الدعوة للقاء به شخصيا فى ليبيا ، وذلك عندما وصل الي علمه خبر قطع الاتصالات الهانفية بين الملك ادريس السنوسى وأتباعه في ليبيا دعما لأنقلاب الأول من سبتمبر
على أى حال الحقيقة الثابتة فعلا أن المحامى بليفرس قد التقى بالملازم معمر القذافى بعـد إنقلاب سبتمر سـواء كان هـذا اللقـاء قـد تم بناء علي دعـوة موجهة له من معمر القذافى شخصيا كما يدعى بليفرس أو قـد تـم بنـاء علي تكليف لـه من قبل المجلس العسكـرى اليونانى كمبعوث خاص
( الصورة المرفقة دليل على هـذا اللقـاء )
ويبدو أن هذا اللقاء بين المحامى بليفرس والقائد الليبى عام 1969 قد فتح الباب للمحامى بليفرس لكى يلتقى مرة أخرى بالقائد الليبى عام 1970 وذلك عند وصول بعثة طلابية مكونة من 110 طيار ليبى إلي اليونان للتدريب على الطائرات المقاتلة نوع ” ف 5 ” ، علما بأن هذه البعثة الطلابية للتدريب فى اليونان لم تكن الأولي من نوعها فقـد سبقتها عـدة بعثات طلابية عسكرية
كما أن هذا اللقاء بين المحامى بليفرس وقائد انقلاب الاول من سبتمبر كان فاتحة لزيارة رسمية للعقيـد ستيليانوس باتاكوس إلى ليبيا فى شهر مارس عام 1971 حيث التقى بالسيد عبد المنعم الهوني وناقـش معه عـدد من المواضيع الهامة التى تتعلـق بالعلاقـات الثنائية بيـن البلديـن وكان من ضمن هذه المواضيع مقترح تكوين ( كومنولث متوسطى ) لمواجهة النفـوذ الروسى فى منطقة البحـر الابيض المتوسط
كنت قد ذكرت فى الجزء الأول من هذا الإدراج أن المحامى بليفرس كان يعمل أستاذا لعلم الإجتماع السياسي والحرب النفسية في كلية التربية بهيئة الأركان العامة للجيش اليوناني وربما من خلال عمله هذا تمكن من توطيد علاقات جيـدة مع عـدد من الطلبة الضباط الليبيين ، كما أستطاع أن يربط أيضا علاقات طيبة مع السفارة الليبية ، خاصة وأن السفارة خلال ذلك التاريخ 1970 كانت تحت اشراف عـدد من كبار ضباط الجيش الليبى ( المبعدين من ليبيا ) بعد نجاح انقلاب عـام 1969 ، وأعتقـد – إن لـم تخنى الذاكـرة – أن السفارة خلال تلك الفترة كان يترأسها كقائم بالأعمال العقيد محمد سعد جبريل يعاونه عـدد من زملائه الضباط من بينهم الضابط يوسف شخير وضابط البحرية فهيم الجربى
فى رساله شكوى ضد السفارة الليبية فى اليونان كان قد وجهها المحامى قسطنطين بليفرس الى العقيد معمر القذافى بتاريخ 10 / 09 / 2009 باللغة الانجليزية ومترجمة للعربى أكد فيها أنه عين عام 1970 بصفة رسمية كمحام للسفارة الليبية فى اليونان ، غير انه لم يوضح فى رسالته المذكورة من قام بتعيينه ولا فصل فى تاريخ التعيين ، ربما تم تعيينه من قبل السيد القائم بالأعمال محمد سعد جبريل أو من قبل السيد السفير عمر أو القاسم الجليدى الذي كان بليفرس ( وفقا لقوله ) يتمتع بلعب الشطرنج معه فى بيته عام 1970
وفى رسالة الشكوي المذكوره أعلاه يذكر بليفرس بأنه خلال فترة عمله بالسفارة الليبية باليونان كان قـد ربح قضية هامة جدا لصالح الدولة الليبية ضد شركة الإنشاءات اليونانية إيبوريتيكى نيودومي التى كانت قد رفعت قضية ضد الدولة الليبية تطالبها فيها بدفع مبلغ وقدره ثلاثمائة وثمانية وسبعون مليون دولارا أمريكيا 378 ” كتعويض لها عن الخسائر كانت قد تكبدتها أثناء عملها فى ليبيا ”
وادعى المحامى بليفرس فى رسالته المذكوره انه قد جنب الدولة الليبية خسارة هذا المبلغ الكبير (378 مليون دولار امريكى ) عندما كسب هذه القضية تحت حكم القضاء اليوناني رقـم ( 2003 / 496 .4 ). وأنه كان متفقا مع السفارة على أن تكون أتعابه إذا نجح في كسبت تلك القضية مبلغ وقدره ( ستة مليون دولار أمريكى ( 6.000.000 دولار أمريكى ) غير أن السفارة لم توف بوعـدها الذي قطعته على نفسها ورفضت دفع أتعابه
على أى حال هذه الفترة التى تتعلق بتعيين السيد بليفرس كمحامي خاص للسفارة الليبية باليونان والتى سبق الحديث عنها الواقعة مابين عامى 1970/ 1969 هى فتـرة لم أعاصرها وكانت سابقة لتعيينى للعمل بالسفارة حيث كنت خلال تلك الفترة أعمل سكرتير ثانى بسفارتنا الليبية فى واشنطن بأمريكا التى عينت بها منتصف عام 1969 خلال فترة العهد الملكى
وتشاء الصدف أن أعاصر خلال تلك الفترة إنقلاب الأول من سبتمبر عام 1969 أثناء عملي في السفارة الليبية فى واشنطن حيث واجهت فترة عصيبة وصعبة فى عملي تعتبر من أحرج وأصعب الفترات فى تاريخ عملى الدبلوماسي وذلك عندما كلفت تلقائيا بوظيفة القائم بالأعمال