Skip to content
Menu
أوراق من مفكرتى
أوراق من مفكرتى
January 16, 2021February 1, 2021

اليوناني بليفرس وعلاقته بليبيا

 

 Constantine Plevris  كوستانتينوس بليفرس

 ( 1 )

 كونستانتينوس بليفـرس   كونستانتين بليفرس شخصية غامضة … أستطاعت التسلل للقاء بالقذافى ….من كان وراءه وما هى الأدوار التى لعبها ..وكيف تحول من صديـق لليبيا إلى عـدو شرس لها … ؟

هو من مواليـد العاصمة اليونانية أثينا عـام 1939 ، محامى يوناني بارع وضليع في القانون لـدى المحكمة العليـا اليونانيـة ، حصل على مؤهلـه العلمى في القانـون من جامعـة أرسطـو في مدينة سالونيك ، وتحصل علي بكالوريوس العلوم السياسية من جامعة بانتيون بأثينا  كما  تحصل علي مؤهله في علم الإجتماع من فرنسا ، وعمل فى اليونان كأستاذ محاضر في علم الاجتماع السياسي والحـرب النفسية في كليـة ضباط الشرطة ، وأيضا محاضر في كلية التربية العامة بهيئة الأركان العامة للجيش اليوناني

كـان قـد أسس فى السبعينات حـزب ” الرابـع من أغسطـس ”  The 4th of August “ وأسـس كذلـك حـزب الخـط الأمامي “ The Front Line ” ولكنها أحـزاب لـم تستطيع مقارعـة الأحـزاب الكبيرة التى تداولـت على السلطـة فى اليونـان فيما بينهـا ، رغما عـن أنـه كاـن لهـا حضـور وتأثيـر في تشكيـل الإتجـاه المستقبلي لليمين المتطـرف فى اليونـان ، كما أنهـا حضيت بإهتمام ونـوع من القبـول والدعـم مـن قبـل العسكرتاريا الذيـن أستولـوا على السلطـة فى اليونـان فى الفتـرة مابيـن عامى 1967- 1974 خاصة وأن أحـد الضباط الكبار المتطرفين وهو العقيـد  ” إيوانيس لاداس ” Ioannis Ladas  ”  الذى كان مسؤلا عـن الشرطة العسكرية فى العاصمة اليونانية كان على صلـة وثيقـة بالمحامي  ” بليفـرس ” ويعتبـر من الأعضاء المهمين فى حـزبه ( حـزب 4 أغسطس ) وساهـم أيضا بنشر العـديـد من المقـالات المتطرفـة في مجلة الحـزب التي  وصفها المؤرخ البريطاني ” ريتشارد أوك “… بأنها مجلة عنصرية معادية للسامية

والمحامي ” بليفـرس ” كاتـب ومؤلـف نشـط غـزيـر الإنتاج ، قـام علـى مـدى عـقـود بتأليـف العـديـد مـن الكتب والنصوص فى المجالات السياسية المختلفة وفي علـوم الإجتماع والتاريـخ والثقافـة اليونانية ، ومن بيـن كتبـه التى أثـارت الكثيـر من الجـدل والإنتقـادات كتـاب لـه تحـت عنـان ”  كـل الحقيقـة عـن اليهـود ”   “Jews The Whole truth  “ الـذى تعـرض بسببه الى هجـوم من قبـل اللـوبى اليهـودى فى اليوناـن وفى الصحافة الغربية بصفة عامة ، ووصف بأنـه كاتب عنصري معاد للسامية ، والسيد بليفـرس نفسه فى كتابه المذكور يعترف بأنـه ” فاشي ، نـازي ، عنصري ، مناهض للديموقراطية ومعادي للسامية “

كما تضمن الكتاب الإشـادة والتعظيـم للزعيـم الألمانى ” أدولـف هتلـر ” والإشادة بمواقفـه المعادية لليهـود ، كما أنه في نفس الكتاب وجه سيل من الإهانات إلى السكرتير العام السبق للامم المتحـدة ” كوفي عنان ” وذلك عندما وصفه بأنـه من آكـلى لحـوم البشر وينحـدر من سلالتهـم ”

وبسبب هذا الكتاب دخـل السيد بليفرس في مواجهات حامية الوطيس ضد خصومه أعضاء اللوبى اليهودي فى اليونان وأنتهت هذه المواجهات بتوجيه تهمة التحريض على العنف العنصري ضد المحامى بليفرس من قبـل النائب العـام اليوناني وصـدرت ضـده أحكام بالإدانة والحبس 14 شهـر مع وقـف التنفيـذ ، إلا أنه بحكم خبرتـه الطويلة وعمق ثقافتـه ودهائه القانـوني والسياسى أستطاـع أن يفلـت من تنفيـذ الأحكام التى صدرت ضده بعـد الإستئنـاف

ويقـوم السيد بليفرس بالإضافـة إلى نشاطـه فى مجال تأليـف الكتـب بنشـاط إعلامى موجـه عبـر عــدد مـن القنوات التلفزيونية اليونانية لتى تعـقـد معه لقاءات وذلك لدعـم أفكاره ونظرياتـه خاصة على قنـاة  إكسترا 3 ، ويدعمه إبنـه ” ثانـوس بليفـرس ” عضو البرلمان اليونانى عـن حـزب التجمع الشعبي الأرثذوكسى فى نشاطـه الحـزبى والإعلامـي

بعـدهـذه النبـذة المختصرة عـن المحامى اليوناني ”  بليفـرس ” والتى رأيـت أهمية التطـرق إليها لأعطاء خلفية سياسية عنه أنتقـل بكم إلى الحـديث عـن المعطيات والظـروف التى هيئت أو سهلت له علاقته بليبيا ، وقـد أبتـدأت هذه العلاقـة بينه وبين نظـام الحكـم العسكرى فى ليبيا  كما أوضح هو شخصيا فى أحد مؤلفاته  مباشرة منذ الأيام الأولي التى أستولي فيها صغار الضباط الليبيين على السلطة فى ليبيـا فى الأول من سبتمبر عـام 1969 ، وذكر فى كتابه أن هذا الإنقلاب العسكرى فى ليبيا  جـاء بعـد عامين تقريبا مـن إستيلاء العسكريين فى اليونان بقيادة الجنرال ” بابادوبولوس “على الحكم عـام 1967 ، وقـد حـدث هـذا التغيير فى ليبيا عندما كـان ملك ليبيـا إدريس السنوسى متواجـدا منـذ منتصف شهر أغسطس 1969 للعلاج الطبيعى باليونـان بمدينة ( كامينا فورلا ) التى تبعـد حوالى 200 كـم عـن العاصمة ( أثينـا ) وبرفقته زوجته وإبنته بالتبنى

واخترع الإعلام اليونانى المتأثر بحكم العسكر فى اليونـان حينها قصة غريبة عجيبة لا واقـع لها ….!!! …. حيث سرب هـذا الإعلام أن معمر القذافى كان طالبا عام 1965 فى إحـدى الكليات العسكرية فى اليونـان ، وهي (كلية إيفبليـدون ) وتلقى تدريبـه العسكرى على يــد الضباط اليونانيين في هذه الكلية الذين ساعدوه عند قيامه بانقلابه على النظام الملكى عام 1969 ، وذلك بأن قطعوا الإتصالات السلكية والاسلكية بين الملك إدريس ومرافقيه وبين ليبيا ، إسهاما منهم فى إنجاح الإنقلاب

ولا أعرف على أى اساس أخترعت هذه الأكذوبة  …؟؟  التى لازالت – للأسف – تجـد أذانا صاغية لها حتى يومنا هـذا فى الأوساط اليونانية…وربما كان الهدف من إختراع هذه الأكذوبة والترويج لها خلال تلك الفترة هو خلق فرصة أو تبريـر لمـد خيوط وأطـر التعاون بين الحكم العسكرى فى اليونان وقـادة الإنقلاب فى ليبيا ، وربما فى نفس الوقت خلق أو إجاد مبـرر أيضا لسفـر المحامى بليفرس الذي كانت تربطه علاقـات وثيقـة بحكـم العسكر فى اليونـان كمبعوث شخصى لهـم للقـاء بقائـد الثورة الليبية معمر القـذافى ومعرفة نواياه

( 2 )

فى الوقـت الذي فتحت فيه الكثير من الملفـات المطمورة عن عـلاقـات العـديد من الأنظمة الأوربية بالنظـام الليبى منذ عـام 1969 ، تظـل هناك فيما يتعلق باليونان بالـذات ملفات مطمورة ومنسية عن هذه العلاقـات بين النظام العسكرى الليبى وبين مختلف الأحزاب والتنظبيمات اليونانية ، ملفات ومستندات طمرت مبعثرة داخـل ضباب الستينات تحت غبارالنسيان والتقادم مبعثرة علي رقعة شطرنج العلاقات الدبلوماسية الليبية اليونانية داخل دواميس الدولتين لـم يتم الإفـراج عنها

وملف علاقات المحامى اليونانى النشط ” قسطنطين بليفـرس “وتنظيماته المتطرفة مع النظام الليبى تمثـل إحدي الملفات الشائكة والغامضة التى سبقت بزمن علاقات النظام الليبي مع عـدد من الأحزاب والتنظيمات اليونانية الأخـرى مثل العلاقـات مع حزب الديموقراطية الجديدة أوحزب الحركة الاشتراكية ” الباسوك ”

هناك مثل ليبي متداول يقـول أضرب الحديد وهو ساخن ومعناه إذا واتتـك الفرصة فأنتهـزها ولا تضيعها ، والمحامى اليونانى قسطنطين بليفرس أنتهز فرصة سخونة حديـد إنقلاب الأول من سبتمير فى ليبيا عـام  1969فاستبق الجميع وأنتهز الفرصة وضرب الحديـد وهوساخن وذلك بأن أقترح على المجلس المجلس العسكرى اليوناني عن طريق صديقه الوفي ” إيـوانيس لادا ” سرعة دعـم الإنقلاب فى ليبيا ، وذلك بقطع الإتصالات الهاتفية بين الملك إدريس الذي كان موجودا لحظة وقوع الإنقلاب فى اليونان بمدينة ” كامينا فورلا ” وبين أتباعه فى ليبيا ، ولاقي هـذا المقترح موافقة من قبل المجلس العسكرى اليونانى وتم تنفيذه على الفـور ، وقرر المجلس العسكرى قبول مقترح آخر تقدم به أيضا المحامى بليفرس بإرساله كمبعوث خاص للقـاء بقائد الإنقلاب الليبى لتحقيق عدة أهداف منها ….

أولا  : –  نقـل إعتراف النظام العسكرى فى اليونان بالإنفلاب العسكرى الليبي والإستعـداد لدعمه
ثانيا : –  إحاطة قادة قادة إنقلاب سبتمبر فى ليبيا علما بالخطوة الإيجابية التى قام بها المجلس العسكرى باليونان لصالح الإنقلاب الليبي عندما بادر بقطع الإتصالات  الهاتفية الرابطة بين الملك ادريس السنوسى وبين أفراد حكومته فى ليبيـا

ثالثا : –  الإطلاع عـن قـرب على أفكـار وتطلعات قـادة الإنقـلاب الليبى معمر القذافى وربط العلاقات بينهم  وبين الحكم العسكرى اليونانى بقيادة الجنرال        بابادوبولوس

غير أن المحامى ” بليفرس” فى أحد كتبه أدعى بأنه لـم يذهب كمبعوث خاص للمجلس العسكرى اليوناني للقاء بالقـذافى وإنما هذا الأخيرهو من وجه له الدعوة للقاء به شخصيا فى ليبيا ، وذلك عندما وصل الي علمه خبر قطع الاتصالات الهانفية بين الملك ادريس السنوسى وأتباعه في ليبيا دعما لأنقلاب الأول من سبتمبر

على أى حال الحقيقة الثابتة فعلا أن المحامى بليفرس قد التقى بالملازم معمر القذافى بعـد إنقلاب سبتمر سـواء كان هـذا اللقـاء قـد تم بناء علي دعـوة موجهة له من معمر القذافى شخصيا كما يدعى بليفرس أو قـد تـم بنـاء علي تكليف لـه من قبل المجلس العسكـرى اليونانى كمبعوث خاص

( الصورة المرفقة دليل على هـذا اللقـاء )  

ويبدو أن هذا اللقاء بين المحامى بليفرس والقائد الليبى عام 1969 قد فتح الباب للمحامى بليفرس لكى يلتقى مرة أخرى بالقائد الليبى عام 1970 وذلك عند وصول بعثة طلابية مكونة من 110 طيار ليبى إلي اليونان للتدريب على الطائرات المقاتلة نوع ” ف 5 ” ، علما بأن هذه البعثة الطلابية للتدريب فى اليونان لم تكن الأولي من نوعها فقـد سبقتها عـدة بعثات طلابية عسكرية

كما أن هذا اللقاء بين المحامى بليفرس وقائد انقلاب الاول من سبتمبر كان فاتحة لزيارة رسمية للعقيـد ستيليانوس باتاكوس إلى ليبيا فى شهر مارس عام 1971 حيث التقى بالسيد عبد المنعم الهوني وناقـش معه عـدد من المواضيع الهامة التى تتعلـق بالعلاقـات الثنائية بيـن البلديـن وكان من ضمن هذه المواضيع مقترح تكوين ( كومنولث متوسطى ) لمواجهة النفـوذ الروسى فى منطقة البحـر الابيض المتوسط

كنت قد ذكرت فى الجزء الأول من هذا الإدراج أن المحامى بليفرس كان يعمل أستاذا لعلم الإجتماع السياسي والحرب النفسية في كلية التربية بهيئة الأركان العامة للجيش اليوناني وربما من خلال عمله هذا تمكن من توطيد علاقات جيـدة مع عـدد من الطلبة الضباط الليبيين ، كما أستطاع أن يربط أيضا علاقات طيبة مع السفارة الليبية ، خاصة وأن السفارة خلال ذلك التاريخ 1970 كانت تحت اشراف عـدد من كبار ضباط الجيش الليبى ( المبعدين من ليبيا ) بعد نجاح انقلاب عـام 1969 ، وأعتقـد – إن لـم تخنى الذاكـرة – أن السفارة خلال تلك الفترة كان يترأسها كقائم بالأعمال العقيد محمد سعد جبريل يعاونه عـدد من زملائه الضباط من بينهم الضابط يوسف شخير وضابط البحرية فهيم الجربى

فى رساله شكوى ضد السفارة الليبية فى اليونان كان قد وجهها المحامى قسطنطين بليفرس الى العقيد معمر القذافى بتاريخ 10 / 09 / 2009 باللغة الانجليزية ومترجمة للعربى أكد فيها أنه عين عام 1970 بصفة رسمية كمحام للسفارة الليبية فى اليونان ، غير انه لم يوضح فى رسالته المذكورة من قام بتعيينه ولا فصل فى تاريخ التعيين ، ربما تم تعيينه من قبل السيد القائم بالأعمال محمد سعد جبريل أو من قبل السيد السفير عمر أو القاسم الجليدى الذي كان بليفرس ( وفقا لقوله ) يتمتع بلعب الشطرنج معه فى بيته عام 1970


وفى رسالة الشكوي المذكوره أعلاه يذكر بليفرس بأنه خلال فترة عمله بالسفارة الليبية باليونان كان قـد ربح قضية هامة جدا لصالح الدولة الليبية ضد شركة الإنشاءات اليونانية إيبوريتيكى نيودومي التى كانت قد رفعت قضية ضد الدولة الليبية تطالبها فيها بدفع مبلغ وقدره ثلاثمائة وثمانية وسبعون مليون  دولارا أمريكيا 378  ”  كتعويض لها عن الخسائر كانت قد تكبدتها أثناء عملها فى ليبيا ”

وادعى المحامى بليفرس فى رسالته المذكوره انه قد جنب الدولة الليبية خسارة هذا المبلغ الكبير (378 مليون دولار امريكى ) عندما كسب هذه القضية تحت حكم القضاء اليوناني رقـم ( 2003 / 496 .4 ). وأنه كان متفقا مع السفارة على أن تكون أتعابه إذا نجح في كسبت تلك القضية مبلغ وقدره ( ستة مليون دولار أمريكى ( 6.000.000 دولار أمريكى ) غير أن السفارة لم توف بوعـدها الذي قطعته على نفسها ورفضت دفع أتعابه

على أى حال هذه الفترة التى تتعلق بتعيين السيد بليفرس كمحامي خاص للسفارة الليبية باليونان والتى سبق الحديث عنها الواقعة مابين عامى 1970/ 1969 هى فتـرة لم أعاصرها وكانت سابقة لتعيينى للعمل بالسفارة حيث كنت خلال تلك الفترة أعمل سكرتير ثانى بسفارتنا الليبية فى  واشنطن بأمريكا التى عينت بها منتصف عام 1969  خلال فترة العهد الملكى

وتشاء الصدف أن أعاصر خلال تلك الفترة إنقلاب الأول من سبتمبر عام 1969 أثناء عملي في السفارة الليبية فى واشنطن حيث واجهت فترة عصيبة وصعبة فى عملي تعتبر من أحرج وأصعب الفترات فى تاريخ عملى الدبلوماسي وذلك عندما كلفت تلقائيا بوظيفة القائم بالأعمال

( 3 )

فى 11 فبرايـر مـن عـام 1980 أستلم جهاز رادار قوات المارين الأمريكية المرابطة فى قاعدة سودا بجزيرة كريت اليونانية التى تبعد قرابة 200 ميل عن الأراضى الليبية نداء أستغاثة من طائرة ميج 23 تابعة للسلاح الجوى الليبى يطلب ملاحها السماح له بالهبوط الاضطراراى فى قاعدة سودا الأمريكية ، فتم الاستجابة لطلبه بتسهيل هبوط طائرته فى مطار ماليمى الصغير المهجور الملاصق لقاعدة سودا الأمريكية ، وما أن هبطت الطائرة التى كان يقودها الكابتن طيـار “حـازم الباجـقنى” خريـج أكاديميـة الطيران العسكرى فى يوغسلافيـا ،بسلام فى المطار المذكورحتى هرعت قوات المارين الامريكية الى تطويقها مـن كـل الجوانـب ، وتولوا القبض على ملاحها عند هبوطه بعد أن أنهوا تفتيش الطائرة واقتادوه إلى مقــر قيـادة القاعـدة الأمريكية حيـث تـم التحقيـق معـه واستجوابـه من قبل الإستخبارات الأمريكية ، وقــد اوضـح الكابتـن “الباجقنى” لسلطـات التحقيـق ( كما سرب حينها ) بأنـه هارب من ليبيـا خـوفــا على حياتـه بعد ان اكتشفت السلطـات الليبيـة ضلوعه فى خطة لتهريـب “19” ضابطـا ليبيـا، كـانت قــد صدرت ضدهم أحكام بالإعدام

وفى مساء نفس اليوم 11 فبراير، استلـمت السفـارة الليبيـة فى اثينا برقيـة عاجلـة موجهـة الى رئيـس البعثـة، تفيـد بأن طائـرة ليبيـة مـن طـراز ميج – 23 ظلـت طريقهـا بسبـب سـوء الأحـوال الجويـة وهبطت اضطراريا بجزيـرة كريـت، وتطلب البرقيـة من رئيس البعثة الاتصال فورا بالسلطـات اليونانيـة لتسهيـل رجوع الطيار والطائرة بسلام إلى ليبيـا

ولمـا كـان ” رئيس البعثـة ” خـلال تلك الفتـرة متغيـبا فى إجـازة فى ليبيـا، كنـت كقائـم بالأعمال ملزما بتنفيـذ التعليمـات الـواردة بالبرقيـة… وفعلا حــددت موعـدا مع وزيـر الخارجية السيد قسطنطين ميتسوتاكيس الذى كانـت تربطنى به معرفة سابقة عندما كان وزيرا للتنسيق حيث كنا قد شاركنا معا والاستاذ عبد الله السعودى فى العديد من الإجراءات واللقاءات التى تضمنت تأسيس المصرف العربي اليوناني……وتم تحديد الموعد لى للقاء للسيـد وزيـر الخارجية بالخصوص يـوم 12 فبرايـر فى مكتـبه

وخلال اللقـاء الذي تم بحضور مدير ادارة المراسم قدمـت لـه طلـب الحكومة الليبية كما وردنى بالمساعدة فى تأمين عودة الطيار والطائرة التى هبطت هبوط إضطرارى في جزيرة كريت بسبب سوء الأحوال الجوية إلي ليبيا ، فابتسـم الوزيـر وعبـر لى عـن أسفــه الشديـد، لعـدم قـدرة السلطات اليونانية على تحقيـق هذا الطلب ، موضحـا لى بصراحـة بـأن هبوط الطيار قـد تـم فى ( قاعـدة عسكرية أمريكية ) خارج نطاق سلطات الحكومة اليونانية ، كما أفادنى بأن المعلومات التى لديهم تفيد بأن الطيار الليبى لـم يضـل طريقـه ، بل هبـط برغبته طالبا منحه حق اللجوء السياسى من بعثـة الأمـم المتحـدة لشـؤون اللاجئيـن فى اليونان عن طريق سلطات القاعدة الامريكيةفى جزيرة كريت…..ولهذا فإن إجباره بالعودة الى ليبيا ليس من صلاحياتنا ، أما فيما يتعلق بترجيع الطائرة فإن سلطات قاعدة سودا الامريكية لا اعتقد انها ستمانع

واكتفيت بهـذه الـرد من قبل السيد وزيـر الخارجية الـذى ودعنى بحـرارة حتى خـارج مكتبـه، وقمـت فـور وصولى الى مكتبي بالسفـارة بالإبراق الى وزارة الخارجية الليبية بفحـوى رده ، واوضحـت لهـم فى برقيتى بأنـه لا أمـل فى ترجيـع الطيـار لتمتعـه باللجـوء السياسى من قبـل الحكومة الأمريكية، أما بخصوص الطائـرة فسترجـع على الفـور

وكنـت اتصور أننى بهـذا الـرد قـد اقنعـت السلطات الليبية بعـدم جــدوى المطالبة بتسليـم الطيـار الليبـى ، إلا أننى فوجئت بعـدم اقتناعهم بـردى وذلك عندما تم الضغط على السيد أمين المكتب الشعبى الذي كان متواجدا كما ذكرت فى اجازة فى ليبيا لقطع إجازته فورا والرجوع لى اليونان ليتولى شخصيا معالجـة موضـوع هروب الطيـارالليبى……وفعلا طلـب السيد امين المكتب بمجرد رجوعه الى اليونان تحـديد موعـد عاجـل لـه مع وزير خارجية اليونـان لمواصلة المطالبة بترجيع الطيار وتـم تحـديد الموعد له ،إلا أنه رجع بخفى حنين واستلم نفس الجواب الذي كنت قد استلمته .وكان كما علمت منه مقتنعا به

بتاريخ 14 فبراير 1980 تم تفكيك الطائرة ميج 23 فى مطار ماليمى بجزيرة كريت وتم شحنها علي رحلتين الى ليبيا على إحدى طائرات الشحن الليبية تحت اشراف فريق متخصص من المهندسين والفنيين الليبيين بقيادة النقيب طيار محمد مازق

وكنت أتصور أن الموضوع قد أنتهى عند هذا الحد ولكني فوجئت بأننى أصبحت خارج الصورة وأن المطالبة بترجيع الطيار الليبى أخذت منحى جديـد خارج الأطـر الدبلوماسية وذلك بتلفيـق تهمـة المتاجـرة بالمخـدرات للسـيد “الباجـقنى” وكلف محامى السفارة بليفرس ( الذي لم ألتقه بتاتا طيلة فترة عملى بالسفارة منذ 1977 ) بمتابعة الموضوع مع الجهـات الرسمية اليونانيـة . والحقيقة أن هذه التهمة وجدتها تهمـة ساذجـة ورخيصـة وفى غير توقيتها ولا تعتمد على أى أسس منطقية أو قانونية ، خاصة وأن الأمر حسم ولم يعـد من اختصاص السلطات اليونانية ، ولكن كانت لبعض المسؤولين فى السفارة وفي ( جهاز الاستخبارات العسكرية ) فى ليبيا ولمحـامى السفارة الليبية بليفرس وجهة نظر مختلفة

وفعلا ابتـدأ المحامى بناء على هذا التكليف له من قبل السفارة فى تزويد متتبعى الموضوع بالآمـال الخادعـة فى ترجيـع الطيار الليبى، بتسريب معلومات لا أساس لهـا من الصحـة مفادها أن الطيار موجود تحت سلطة واشراف السلطات اليونانية وليس الأمريكية كما يدعى وزير الخارجية اليوناني وانه تحت حراسة مشددة داخل مبنى وزارة الدفاع اليونانية المسمى ( البنتاجونو ) ، ومن السهل تتبع أخباره عـن طريـق بعض الحراس المكلفيـن بحراستـه

آلمنى جـدا هذا الضحـك والإستهـزاء بنا …وحفـزنى ذلك على ضـرورة العمـل على وقـف هـذه المهزلـة ووقـف نزيـف أمـوال السفارة ، ورأيت أن اسلــم طريقـة هى إرسال برقيـة شخصية عاجلـة بـدون علـم السفـارة عـن طريـق البريـد العــام اليونانى موجهـة الى علم السيد عبد العاطى العبيدى المكلف بوزارة الخارجية الليبية آنذاك، شـرحت لـه فيهـا مأسـاة هـذا العبـث الصبيانى ،وأنه لا فائـدة تـرجى منه سوى الخسـائر المادية ، ويبـدو أن السيـد العبيـدى قد أهتم بها وأقنع من بيدهم الأمر بالتصرف بحكمـة وتعقل اتجاههـا، وتم فعـلا وقف التعـاون مع المحامـى بخصوص قضية الطيار الليبى….وأقفـل الملف

( 4 )

كانت السفارة الليبية فى اليونان هي أول سفارة ليبية من ضمن سفاراتنا بالخارج التى تم الزحف عليها في الأول من سبتمبر 1979 وتحويلها الى مكتب شعبى ، وتم ذلك فى عهد السفيرالسابق الأستاذ عمر ابو القاسم الجليدى….وحل محله الأستاذ على ماريا أمينا للجنة الشعبية للسفارة يساعده فى ذلك أربع أعضاء مصعدين او مختارين من قبل ما كان يسمى بالمكتب الشعبي للإتصال الخارجى بطرابلس الذي كان قد حل محل وزارة الخارجية التقليدية .

ولم يكن لهذا التغييرالذي عصف بهيكلية السفارة الليبية باليونان عام 1979 وتحويلها الى مكتب شعبي أي تأثيرعلي علاقة التعاون والانسجام التى كانت سائدة بين المحامى قسطنطين بليفرس والسفارة الليبية حيث استمرت هذه العلاقة اكثر زخما وقوة مع جميع الأمناء الذين تعاقبوا على إدارة السفارة الليبية باليونان حتى عام 2003.

وكنت قد تطرقت إلى الدورالذي لعبه محامى السفارة الليبية فى تتبع قضية الطيار الليبى حازم الباجقنى ورصد تحركاته داخل العاصمة اليونانية ، وأضيف لهذا أن محامى السفارة كان قد كلف ايضا بمتابعة قضية المتهمون الثلاثة بقتل الجندى عبد الرحمن أبوبكر الكومباس ، وذلك بالعمل قدر الامكان على تبرءتهم من جريمة القتل أوالتخفيف من الأحكام الصادرة ضدهم ، وتمكن المحامى فعلا من إنجاز هذه المهمة بحيث تـم تبرئـة اثنـان بينما ثبتت الجريمة على المتهم الرئيسى الذي خففت عنه سنوات السجن ، ثم تم بعد ذلك تهريبه عن طريق جزيرة كريت الى ليبيا

وكانت جريمة قتل الجندى عبد الرحمن ابوبكرالكومباس عام 1980 ، فاتحة لسلسلة من جرائم الإغتيالات التى هزت العاصمة اليونانية في الفتـرة ما بين عامى 1980 / 1987 والتى راح ضحيتها خمسة من الليبيين الأبرياء هـم : –

1ـ عبدالرحمن ابوبكر ….. ( أغتيل في 21 مايو 1980 )
2ـ صالح ابوزيد الشطيطى ( أغتيل في 21 يونيو 1984)
3ـ عبدالمنعم الزاوى ….. ( أغتيل في 03 يوليو 1984 )
4ـ عطية الفرطاس……. ( أغتيل في 03 يوليو 1984 )
5ـ محمد سالم فحيمة….. ( أغتيل في 07 يناير1987 )

كما نجى من محاوات الاغتيالات الفاشلة عـدد خمسة ليبيين هم

ـ  محمد الاطيوش. ( محاولة فاشلة أواخر يناير1981)
ـ  فريد مصطفى القريتلى. ( محاولة فاشلة 14 يونيو 1984 )
ـ  يوسف عقيلة المجبري. ( محاولة فاشلة 06 اكتوبر1985 )
ـ  عمران بورويس أمين عام سابق للحركة الوطنية الليبية
ـ  محمد احمد السكر أمين عام سابق للحركة الوطنية الليبية

إلا أن هذا الإنسجام والتعاون بين المحامى بليفرس والسفارة الليبية في اليونان إنقلب الى عكسه إعتبارا من عام 2003 وذلك عندما كلف من قبل السفارة الليبية بمتابعة قضية كانت مجموعة شركات يونانية تحت اسم ( أيبروتيكى نيودومي ) قد رفعتها أمام القضاء اليوناني ضد الدولة الليبية مطالبة بدفع مبلغ وقدره (378.689.014 ) دولار أمريكى كتعويض لها عن الخسائر التى تكبدتها فى ليبيا من جراء تقاعس الدولة الليبية عن دفع مستحقاتها

وأستطاع المحامى بليفرس أن يكسب هذه القضية وأن يتحصل على الحكم القضائي رقـم 4.469/ 2003 ببطلان هذه المطالبة لصالح الدولة الليبية ، ولكنه عند ما طالب السفارة الليبية فى اليونان بدفع اتعابه التى حددها بمبلغ (6.059.000 دولار امريكي ) تعنتت السفارة فى دفع هذه الأتعاب

وأما م رفض السفارة الليبية ، قام المحامى أثناسى بليفرس ( إبن قسطنطين بليفرس ) وهو عضو بمجلس النواب اليوناني برفع قضية أخرى لدى القضاء اليونانى مطالبا بتعويض والـده عن الخسائر التى تعرض لها من جراء تعنت السفارة الليبية فى تسوية أتعابه ، وتمكن من الحصول علي حكم قضائي لصالح والـده تحت رقم ( 17/2007 ) يلزم السفارة الليبية بدفع التعويض وقدره ( 7.573.780 ) دولار أمريكى .ولكن السفارة استمرت أيضا فى عدمالإستجابة

وعندما فشلت كل المحاولات القضائية من قبل ( بليفرس ) في إجبارالسفارة الليبية على دفع أتعابه وفوائدها ، لجأ بكل غباء الى محاولة الحجزعلى مبنى القنصلية الليبية فى ( منطقة بسيكيكو) ، ولكن محاولته باءت بالفشل لشمول القنصلية بالحصانة الدبلوماسية ، ولكنه لم ييأس وظل مداوما علي تصيد أملاك الدولة الليبية باليونان للحجزعليها وسنحت له الفرصة عندما علم بقدوم باخـرة ليبية محملة بالنفط لتفريغه في ميناء ( أجيوي ثيودوروي Agioi Theodoroi) ، فقدم طلباً لمحكمة كورنثيا للحجزعلى الباخرة وفاز بالقضية بصدورحكم قضائى بالحجزعلى الناقلة البالغ قيمتها ( 65 مليون دولار أمريكى ) ، وكان ينوي بيعها بالمزاد العلني ، إلا أن وزير العدل اليونانى السيد ( خارالامبوس أثاناسيو ) أفشل مخططه عندما أصدر قراربتاريخ 25 يونيو 2013 يوقف تنفيذ قرارالحجزعلي الناقلة حفاظا على العلاقات الجيدة التى كانت تربط بين البلدين . إلا أن بليفرس لم يرضخ واستأنف أمام مجلس الدولة، مطالباً بإلغاء قراروزير العدل باعتباره قرارغير دستوري وغير قانوني
إلا أن ذلك كان متأخرا

إدراجنا القادم سيكون مع الشخصية الثانية تحت عنوان من هى …..؟؟ وكيف أستطاعت أن تصل إلي طرابلس للقـاء بالقذافى …وكيف كـان اللقـاء … ( أوراق مبعثرة من مفكرتى )

 

©2022 أوراق من مفكرتى | Powered by WordPress and Superb Themes!